التغيرات المناخية في شرقي البحر الأبيض المتوسط وتأثيراتها المحتملة في الفاونا القاعية البحرية في سورية
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
ت
تشهد البيئة البحرية السورية في الوقت الحاضر اضطراباً كبيراً في تنوع وتوزع التجمعات القاعية خصوصاً مايمكن ملاحظته بالعين المجردة في المستندات الصخرية الشاطئية لناحية انحسار وجود بعض الأنواع وغياب بعضها الآخر، وانخفاض كميات المصيد، وارتفاع نسبة الانواع الليسيبسيانية فيه، يتزامن ذلك مع ارتفاع كبير في أسعار الأسماك وغيرها من الموارد البحرية الحية، وازدياد عدد الأنواع الغريبة والتي تشكل اليوم أكثر من 25% من عدد الأنواع، وتحول بعضها إلى أنواع غازية خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً. كما تسجل زيادة ملحوظة في عدد الأنواع الاستوائية ذات الأصول الأطلسية من القشريات والقراصيات، وزيادة عدد الأنواع السامة، وارتفاع المعدل السنوي لكل من درجة حرارة المياه ونسبة الملوحة، كل هذا يجري بالتوازي مع احترار البحر المتوسط وتأثير التقلبات المناخية التي شهدتها المنطقة منذ العام 2016.
وثقت أعمال المسح الحقلية المنفذة خلال أشهر أيار و حزيران وتموز 2023 في عدة مواقع رئيسية جنوب وشمال الشاطئ السوري نفوق شبه كلي لقنفذ البحر الأسود طويل الأشواك Diadema setosum (Leske, 1778) وتراجع كبير في تجمعات البلح البحري Brachidontes pharaonis (Krauss, 1962) وهما نوعان غازيان من أصول البحر الأحمر والمحيط الهندي، على حساب توسع انتشار بعض الأنواع الغريبة مثل بطني القدم Cellana eucosmia (Pilsbry, 1892) والطحلب الأحمر Hypnea cornuta (Kützing) J.Agardh, 1851
كما تسجل زيادة في عدد أنواع المياه الدافئة من خلال توثيق وجود نوعين من الرخويات غير الأصلية للمرة الأولى في سورية هما البزاق البحري Pleurobranchus forskalii Rüppell and Leuckart, 1828 والمحار Isognomon bicolor (C. B. Adams, 1845)
في ظل توقع استمرار تفاقم هذه المشكلات مستقبلاً، يبقى الباب مفتوحاً أمام التكيّف مع التغيرات الحاصلة، والتخفيف من آثار تغير المناخ، ودور استباقي يقوم به الباحثون في مجال البيئة البحرية وعلماء البحار في توعية الناس والمجتمع المحلي بحقيقة المخاطر التي تحيق بالتنوع الحيوي البحري، واجتراع الحلول العملية، والمساهمة في اتخاذ بعض الاجراءات بالتعاون مع القطاعات الحكومية و القطاعات المتضررة تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة للموارد البحرية.