علم القياس الرياضي وتطبيقاته في علوم الحضارة الإسلامية في القرون 6-8هـ/12-14م: العلوم التطبيقية أنموذجًا
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
يعنى علم القياس الرياضي المعروف بعلم المترولوجيا (Metrology) بمقادير الطول والعرض والارتفاع والوزن والزمن والسعة والحركة. ولقد نشأ هذا العلم استجابة وتلبية لاحتياجات ومطالب دينية واجتماعية واقتصادية وعلمية، بمحاولات الإنسان لقياس ما يشاهده من ظواهر الطبيعة، واهتمامه بقياس كل ما حوله وفقًا لاحتياجات الحياة، حتى كان هذا العلم ضرورة في كل أمة متحضرة. وهنا يتضح اتصال علم القياس بمختلف العلوم التي تداخلت معه حتى تكاملت به كعلوم المادة وعلوم الحياة وغيرها من العلوم التطبيقية الأخرى، إضافة إلى أثره المميَّز في كثيرٍ من العلوم الإنسانية. وهذه الدراسة هي محاولة لتتبع نشأة هذا العلم وتصنيفه العلمي لدى مفكري العلم عبر العصور الإسلامية، وأثر العلماء المسلمين في تطوير وسائله وطرقه، وما يمكن تسجيله من تطوّر في تطبيقاته الرياضية في علوم الحضارة الإسلامية التطبيقية، لا سيما في مراحل نضجها في العصر الإسلامي الوسيط الممتد من القرن 6-8هـ/12-14م، وذلك بدراسة نماذج من المؤلفات التاريخية في العلوم التطبيقية مثل الفلك والجغرافيا والمساحة والأثقال والموازين، ومعتمدة في منهجها على التحليل والاستنباط، لتخرج بنتائج عديدة لعل من أبرزها أنَّ المحاولات التصنيفية للعلم التي انتجتها العقلية الإسلامية مثَّلت المراحل الأولى التي مهَّدت إلى تصنيف القياس كمنظومة علمية مستقلة ومكتملة الأركان في العصر الحديث، فلم يصل القياس إلى هذه المرحلة باعتباره علمًا إلا بعد سلسلة طويلة من الابداع العقلي للعلماء المسلمين والناتج عن التراكم المعرفي عبر العصور الإسلامية، مما نبَّه العلماء اللاحقين إلى أهمية تصنيفه وسهَّل عليهم بناء قواعده العلمية.